السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وتسأَلُني في ماذا جمالُ الإنسان؟ سأجيبُكَ أنني لا أدري أين سر جماله تحديداً، لكنني أدري أنها في مكانٍ ما في روحِه.. وإنني أعرف من هم أجمل البشر فدعني أحدثكَ عنهم: هم الوحيدون الغرباء..الذين لا يشتكون من قلة الصخب حولهم.. تراهم صامتين رغم الألم فلا تسمع آهات أحدهم إلا أذنيه.. فرحين بما آتاهم ربهم رغم أن ما عندهم لا يعد شيئا عِنْدَ غيرهم.. لا ينطق لسانهم بشيء إلا مدحاً في محله من دون مبالغة، فإن انتقدوا شيئا انتقدوه وهم في قمة اللطف والحنان من دون ضغينة.. لا يكرهون أحدا من بعد حب.. فإن تكررت إساءاتُ من كانوا يحبون، تركوه من دون خصومة أو فجورٍ فيها.. وإن أحبوا أحدا لم يجبروه أن يكون شخصا آخر.. ولم يلحوا في تملكه. جمال الإنسان في مكانٍ ما من روحه.. جمال الإنسان ليس في حُسنِ وجهه.. لأنك لو التقيت بجميلٍ ممن أصف ستكتشف أن من عظمة جمال روحه أضحى وجهه أقبح الأشياء الجميلة لديه، ليس لأن وجهه قبيح بل من شدة جمال روحه.. ولو التقيت بإنسانٍ قبيح الروح ستكتشف أن وجهه وشكله قد يكون أجمل ما لديه.. ليس من شدة جمال وجهه بل من فرط قبح روحه حتى غدا وجهه أجمل ما لديه. حسناً.. دعني يا صاحبي أبسط لك ما أعني ولا أفلسف الحديث.. هل ذهبت يوما لمطعم سيء الطعام جدا حتى قلت لمن حولك أن أجمل ما فيه هو مشروباته الغازية.. التي لم يحضرها المطعم أصلا بل اشتراها؟ هكذا الإنسان قبيح الروح، لا تجد فيه شيئا سوى الأشياء التي ما كُنتَ لتراها في الإنسان جميل الروح.. ففي المطعم ذي الطعام اللذيذ لا تنتبه أنت فيه أبدا لمشروباته الغازية.
أما أنتَ فَقُل لي.. هل رأيتَ بدرَ هذه الليلة جميلا مكتملا؟ قل لي إذاً بربك..
من فيكُما القَمَرْ؟